Malliana-Affreville-El-khemis mon Amour.

رحلة ربيع الأنوار إلى أهل توات الأبرار

 

رحلة ربيع الأنوار إلى أهل توات الأبرار
(08 ربيع 01-1435-15ربيع01-1435)(10 جانفي -17 جانفي 2014)
بسم الله الرحمن الرحيم
 
"ان الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما".
 
اللهم صل على سيدنا محمد و آله الذي صليت عليه قبل أن يصلي عليه أحد من العالمين و شرفت الصلوات بالصلاة عليه فأسعدت من صلى الله عليه من المخلوقات وأرسلته للخلق رحمة من حيث قولك المبين" و ماأرسلناك إلا رحمة للعالمين" صلاة تزيلبها الهم و الخوف و الأوهام و تشفينا بها من جميع الأمراض و الآلام و الأسقام وأحرسنا في اليقظة و المنام و اغفر لنا الذنوب و الآثام واحفظنا من تقلبات الليالي و الأيام و استرنا بسترك الذي من استتر به لا يضام، سبحانك يا واهب النور ،تبارك اسمك يا ذا الجلال و الإكرام أنت ولي في الدنيا و الآخرة توفني مسلما و ألحقني بالصالحين.

إن ظاهرة البهجة و الإحتفال بالمولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة و التسليم لميزة خاصة يتمتعون بها أهل الجنوب الجزائري أي أولائك الذين يقطنون الصحراء فمنذ القدم تورثت الأجيال هذا الإرث الكبير أب عن جد و هو من الأشياء الجد محببة عند هؤلاء الناس الطيبين المرحبين ترحاب "حاتم الطائي" بالضيف، و لله الحمد لازالت هذه البوادر و القيم العالية تسود أهل المنطقة و خاصة منطقة "أرض توات" التي تعرف عاصمتها بمدينة"أدرار".
ولنقوم بتعريف لهذه الولاية الطيبة و بإيجاز:

*نبذة تاريخية:
أدرار كلمة حديثة تعنى الجبل بالبربرية أطلقت كإسم لعاصمة الولاية حاليا ثم عمم اللفظ و أصبح يطلـق إسما جامعا لأقاليم الولاية الثلاثة ( توات – قورارة و تديكلت ) ، و تعتبر مدينة تمنطيط العاصمة الأولى للولاية لتميزها العلمي و الديني لتنتقل إلى تيمي مع نهاية القرن السابع عشر ميلادي .
يروى المؤرخ الروماني هيرودوت (ق.5.ق.م) أن منطقة أدرار كانت عـبارة عـن واحــات مــن الــنخيل تتخللها قرى على ضفاف الأنهار و الأودية و البحيرات المائية سكنتها قـبائل الجيتـول وهـم أقـدم سكـان الصحراء التي ساهمت مع يوغرطا ملك نوميديا في هزيمة الرومان .
 
ثم تحدث إبن خلدون عن مواطن قبائل البربر و العرب بأرض الصــحراء تــوات و تيقورارين ذكـر منهم قبائل زناتة و مديونة و لواتة و مفزونة و مطغرة جاءتها من غرب طرابلس و الأوراس و جنوب قفصة خلال القرن الأول الهجري، و كانت قبيلةمطغرة من أوفر القبائل عند الفتح الإســلامي خــاصة بمنطـقـة توات و تمنطيط .
 
كانت الحروب و غيرها سببا في نزول كثيرمن القبائل و الــملوك بالمنطقة ، و أهــمها بعض أحفـاد أمـــراء دولة المرابطين الصناهجة المتونية خاصة بعد سقوط مراكش 540 ه و السلطــان أبـو حمو الثاني أحــد ملوك تلمسان قي أواخر 771 ه الذي نزل في تقورارين منطقة تيميمون حاليا و أحفاد ملوك إشبيلية من ذرية قيس بن سعد الأنصاري الذين نزلوا بناحية تيمي 1348 م و بعض الحمودين نسبة إلى بني حمـودالأدارســـة أحــد ملـــوك الطوائـف 450 ه الـذين إستقـروا بمنطقة زاقـلو حاليا حوالي 1300 م و الشيخ بوعمامة الــــذي أقــام معسكـــر ضـــد الإحتـــلالالفــرنسي بدلـــدول دائـــرة أوقـروت سنة 1894 م .

هذا إلى جانب العديد من الشخصيات العلمية التي زارت منطقة أدرار مثل : إبن بطوطة أثناء رحلته سنة 1353 م و الرحــالة أبو ســـالم العياشي ســنة 1050 م و المستكشــف الالماني جيـرهارد رولفس سنة 1864 م .
 
و قـــد كانت منطقة أدرار منذ القديــم معبرا و طريقا للقوافل التجارية و العــلمية القادمة إلى إفريقيا مما جعلها تزخر بالعديد من الكنوز العلمية و المخطوطات الثمينة و العديد من المدارس و الزوايا و المشايخ الاجلاء الذين عملوا على نشر العلم و ترقيته خاصة بعد الفتوحات الإسلامية .
وفي خضم المقاومة الشعبية للإحتلال الفرنسي كانت المنطقة إمتداد لثورة الشيخ بوعمامة، حيـث تحرك بالمنطقة أحدقادتها المدعو ابزبير إلى غاية وفاته بأوقروت سنة 1879 م كما وصل على المنطقة أحمد بوشوشة وقاد المقاومة بإتفاق مع العباس الرقاني و بن بوبكر الزاوي بالإضافة للشيخبوعمامة الـذي إستقر بمنطة دلدول كما سبق .
وبعد إندلاع الثورة التحريرة عرفت المنطقة عددا من المعارك بين 1957 و 1962 منها انتفاضة حاسي صاكة و هجوم تالة بتيميمون سنة 1957 م و معركة حاسي غامبو و الـدغامشة و المطارفــة و حــاسي تاسلغة و معركة طليمن و غيرها .

كما إشتهرت المنطقة بالتفجيرات النووية التي قام بها الجيش الفرنسي بين 1960 م و1962 م بمنطقة حمودية برقان التي أدت إلى هلاك الأرض و النسل ولا يزال سكان المنطقة يعانون من أثار هذه التجارب النووية إلى يومنا هذا.
*موقع و تضاريس ولاية أدرار:

ولاية أدرار تقع في الجنوب الغربي للجزائر. هي الولاية رقم (1) في تصنيف الولايات حسب تنظيم الدولة الجزائرية تتسم بمناخها الصحراوي و بطيبة سكانها الذين يجيدون العربية بفصاحة بالغة يهتم معظم سكان و لاية ادرار بالزراعة و تعتبر من اكبر المصادر الزراعية بالجزائر منذ ان كرست الدولة جهودها لمساعدة المزارعين في عام 1992 م كما يهتمون بتربية المواشي و خاصة الإبل وهناك بعض القبائل من الطوارق الذين يسكنون الولاية ًوتتكون من28بلدية ومناخها شديد الحرارة يصل إلى 50درجة صيفا وتوجد بها عدة مناطق اثرية رائعة أهمها قصور تيميمون و تمنطيط و زاوية كنتة ..الخ ، و تعرف الولاية بمشائخها و زواياها ومدارسها القرآنية المتعددة حيث تشتهر المنطقة بحفظ القرآن و كرم سكانها و من أهم زوايا المنطقة (زاوية الشيح سيدي محمد بن الكبير ،زاوية الشيخ سالم بن إبراهيم، زاوية مولاي التهامي ، زاوية الشيخ سيدي علي بن حنيني بزاجلوا مرابطين ، زاوية الشيخ حسان بأنزجمير ، زاوية الشيخ باي بآولف الخ....و تعتبر اكبر ولاية في الجزائر و من اغناها . وتستقبل الضيوف على مدار العام.
تقع ولاية أدرار في الجنوب الغربي للجزائر على بعد 1500 كلم من الجزائر العاصمة تحدها من الشمال ولاية البيض و من الشرق ولايتي بشار و تندوف و من الجنوب جمهــوريتي مــالي و مــوريتانيا تـقـدر مساحتها بـ : 427 968 كلم مــربعويبلغ عــدد سكانها أزيــد من345000 نسمــة تتكــون من أربع أقـاليم تاريخية منطقة قورارة تيديكلت توات و تنزروفت .

ولايــة أدرار منطقــة صحراوية كجــزء من الصحراء الإفريقية الكبرى تقع بين خطي عرض 26 و 30 درجــة شمالا و بـين خطـي طول 04 غــربا إلى 01 شــرقا مما جعــلها تشكــل امتدادا طبيعيا لمنخـفض تانزروفت بإتجاه الشمال ولهضبة تادمايت في اتجاه الجنوب .
و يتميز النمط الجغرافي لولاية أدرار بالتضاريس السهلية و الحمادات و الهضاب و العروق التي تتـخللها العــديد من السبخات المالحة و الواحات الخضراء الرابطة فوق حوض مائي باطني كبيرمما جعلها ولاية فلاحية من الدرجة الأولى رغم تميزها بالمناخين الصحراوي و الشبه الصحراوي.

*إحتفلات المولد النبوي الشريف لهذا العام 1435ه-2014 م:
فبعد غياب دام خمس سنوات ، شاءت الأقدار هذا العام أن أسافر مع الصاحب و رفيق الدرب في الأسفار الطويلة: الحاج أحمد قاسمي ، حيث انطلقنا يوم الجمعة  08 رببع الأول 1435 الموافق ل10 جانفي 2014 م من الجزائر العاصمة إلى مدينة غرداية و بعد اخذ قسط من الراحة بعد مسافة 600 كم بحمام زلفانة المعدني و قضاء الليلة عند الإمام السابق لمسجد البدر بغرداية الحاج احمد توريك أطال الله تعالى في عمره ، إتجهنا  في الصبيحة الى مدينة تيميمون الواحة الحمراء كما تعرف حيث تبعد عن غرداية ب600كم، و بعدما قضينا اللليلة عند الحاج محمد براهيمي إتجهنا مباشرة الى مدينة أدرار حيث وصلنها في مغرب يوم الأحد.
 
وذهبنا مباشرة لتحية شيخنا الموقر الشيخ سالم بن إبراهيم حفظه الله تعالى و رعاه، و في يوم الاثنين ليلة المولد النبوي كنا بزاوية سيدي الحاج سالم بن إبراهيم بأدرار لحضور مراسم الإحتفلات بمولد خير البرية عليه وآله افضل الصلاة و التسليم حيث بدأ الحفل بعد صلاة العشاء ليلة المولد أي 11 ربيع الأول 1435 الموافق ل 13 جانفي2014، حتى صلاة الصبح وقد أفتتح هذا الجمع المبارك بقرآة القرآن الكريم جماعة من طرف الطلبة المنتمين للزاوية بطريقة ملؤها الرونق و الجمال و السكينة ثم أتبعها ذلك قصائد الذكر و الإستغفارو طوال الليل تخللها مدائح ديوان الأخضري و بردة الشيخ البوصيري رحمه الله.
 
و بعد أداء صلاة الصبح جماعة و قرآة الأوراد الصباحيةيتبادل كل الحاضرين و المصلين السلام و التهانيء ببروز هذا اليوم السعيد ،ثم يهرول طلبة الزاوية لتقبيل يد الشريف الشيخ سيدي الحاج سالم بن ابراهيم ليتفرق الجمع كله من أجل أخذ نصيب من الراحة و النوم بعد قيام طول الليل في الذكر و التسبيح و التهليل.
 
وغداة المولد النبوي اغتنما هذه الفرصة السعيدة و بادرنا بصلة الرحم فكان أول إتجاه هو بلدية سيدي يوسف التي تبعد عن أدرار ب30كلم جنوبا فزرنا الشريف سيدي الحاج  أحمد يوسفي و كذا أولاده البررة: حمو، عبد القادر ،علال وقد استقبلنا خير استقبال ثم كانت وجهتنا الثانية بلدية زاغلو المرابطين حيث أدينا واجب العزاء للابن السيد عبد القادر وهو نجل الشيخ الفاضل الحاج محمد العلمي رحمه الله تعالى ،بعد ذلك زرنا بلدية بوعلي و قرآنا الفاتحة على روح الشريف مولاي حمي و كذا العلامة و المجاهد و الكبير "سيدي محمد  بن عبد الكريم المغيلي" و في خاتمة هذه الجولة الروحية في إطار زيارة الأحباب والإخوة في الدين كانت بلدية"أوقروت" آخر محطة بأرض توات حيث زرنا فيها السيد الشريف الحاج عبد الله أقرابو وقد خصصنا بإستقبال رائع نابع من أصالة سكان هذه المنطقة و التي لازالت جذورها شامخة في الكرم العربي الأصيل و الترحيب الإسلامي المميز.
 
وبعد هذه الزيارة اتجهنا صوب مدينة " بشار" التاريخية و العريقة فقضينا الليلة بزاوية الشيخ و الشريف سيدي محمد ابن زيان صاحب القاندسة و بعد قرأة الورد المبارك مع جماعة من المؤمنين بعد صلاة الصبح اتجهنا الى مدينة عين الصفراء لعيادة مريض هو الشيخ " ابن الكبير خليفي" والد أخينا و صديقنا الحاج محمد خليفي.
 
وبكل تأكيد ، كانت العناية الإلهية في الحفظ و السلامة  طوال هذا المسلك الفريد والشيق حيث قطعنا مسافة  3720,80كم، عبر المدن و المسلك التالي: الجزائر العاصمة- الأغواط- غرداية- المنيعة- تيميمون- أدرار- أوقروت- شاروين- كرزاز- بشار- القاندسة- عين الصفراء- النعامة- سعيدة- معسكر- خميس- مليانة- الجزائر العاصمة.
 
نرجو من المولى عز وجل أن تكون هذه الزيارة والإحتفال بسيد الوجود بادرة خير وبالتالي إذا كنا نحب مؤمنا لإيمانه أو مُحسنا لإحسانه أو كريما لكرمه أو إماما لإمامته أو جميلا أو عالما لعلمه، فأولى وأتم وأعلى وأكرم أن نحب سيد هؤلاء جميعا، سيد ولد آدم أجمعين، الذي أرسله الحق سبحانه و تعالى  رحمة للعالمين، ألا نتذكر ميلاده الشريف وهو أشرف ميلاد؟ ألا نحتفل بمجيئه الزاهر وهو أزهر مجيء؟ ألا نجدد التذكر فتنفعنا الذكرى؟ وأنعِم به من تذكرٍ وأنعم بها من ذكرى؟
ألا نفقه تسخير أفضل الأوقات لترسيخ أفضل الأعمال؟
يوم لا كالأيام.......

كيف لا نحتفل يا غافل والكون كله يحتفل!؟
ألا يا محب المصطفى زد صبابة
وضمخ لسان الذكر منك بطيبه
ولا تعبأن بالمبطلين فإنما
علامة حب الله حب حبيبه.............................


30/01/2014
0 Poster un commentaire

A découvrir aussi